¤ نص الاستشارة:
ما هو في رأيكم واجب الوالدين في صيانة أبنائهم من الإنحراف، وهل فعلاً لا يستطيع الوالدان حفظ أولادهم في هذا الوقت المليء بالفتن؟.
* الـــــرد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه:
أولاً: واجب الوالدين في صيانة أبنائهم من الإنحراف واجب كبير.. ومسؤوليتهم في ذلك عظيمة.. وهم مؤتمنون على ذلك.. وسيسألون عنه في يوم لا تخفى فيه خافية.. فإذا ما أحسنوا النية وبذلوا الجهد وفعلوا الأسباب الواجبة.. فهم معذورون بذلك إن شاء الله.. لأن النتائج هنا ترتبط بأقدارها والأمور تؤول إلى مدبرها ومصرفها تبارك وتعالى.
ثانياً: ولذلك فإن الخطوة الأولى في هذه المسيرة نحو صيانة الأبناء ورعياتهم وحفظهم -بعد حفظ الله- تبدأ أولاً بإستحضار النية والإتكال على الله.. والالتجاء إليه.. وطلب العون والتوفيق منه.. والدعاء الصادق بأن يصلح الله لك ويصلح بك.. ويهديك ويهدي لك ويهدي بك.. وبأن يقر الله عينك بصلاحهم وهدايتهم وتوفيقهم.. وتكرار الدعاء وتحري أوقات الإستجابة.. وعدم إستبطاء النتيجة فإن الله تعالى يحب العبد اللحوح.. ويجيب المضطرين.. ويكشف السوء.
ثالثاً: هناك مقولة يرددها بعض التربويين.. وهي على جانب كبير من الصحة والصواب.. وهذه المقولة هي -لاعب أبنك سبعاً وأدبه سبعاً وصادقه سبعاً- والمقصود بسبعاً.. أي سبع سنين.. وبذلك تغطي في حيات الابن أهم مراحلها القلقة والمؤثرة، وهي الطفولة والمراهقة بمراحلها المتقدمة والمتأخرة.. فإذا تجاوزهما على خير فإنه بإذن الله قد تجاوز مرحلة الخطر.. وكسب من المهارات النفسية والإجتماعية الشيء الكثير.
رابعاً: لكل مرحلة عمرية خصوصيتها وضروراتهما فلا تجعل من تجربتك العمرية مقياساً وضابطاً جامداً لضرورات وإحتياجات مرحلة أبنائك بل كن مرناً بحدود وتغاض عن بعض الهفوات البسيطة.. وأعطهم مجالاً للتعبير عن أفكارهم وممارسة هواياتهم.. والإتصال بأصدقائهم.. المناسبين.. وضع تحت المناسبين أكثر من خط.. لتوضيح معناها والإتفاق على أبعادها بينك وبينهم!!!
خامساً: إفتح أكثر من قناة للإتصال.. بينك وبينهم وشاركهم في همومهم.. وأحلامهم.. وليكن لك موعد يومي ثابت لتجتمع وإياهم في جلسة أسرية هادئة تتبادل معهم أطراف الحديث في شئون الساعة إجمالاً وفي شئونهم الخاصة.. وانظر لبعض المسائل من زاويتهم ورؤيتهم لها.. ولا تغفل حتى بعض التفاصيل الصغيرة الخاصة بهم.. إن جاء مجالها..!! صدقني قد لا تتصور الأثر الكبير لمثل هذه الإجتماعات اليومية البسيطة وأثرها الإيجابي الكبير.. إن في تقريب وجهات النظر وتبادل الآراء وإزالة بعض الحواجز النفسية..!! أو في ملاحظتك لأي تغيير في سلوكهم.. أو مفرداتهم.. بل وحتى مشاعرهم..!! ومن ثم تقييم هذا التغير وتقويمه.!
سادساً: إزرع الثقة في نفوسهم.. وأسند إليهم بعض المهام.. وإجعلهم يعتمدون على أنفسهم في بعضها الآخر.. وفي ذلك ستصنع منهم بإذن الله وعونه رجالاً واثقين بأنفسهم محصنين من الداخل.. لهم رؤيتهم وقناعتهم.. وغير قابلين للتأثر بما قد يرون أو يسمعون!!
سابعاً: كن واضحاً معهم في التحذير من بعض السلبيات التي قد تواجههم.. وصريحاً في تسمية الأشياء بأسمائها.. ومنبهاً في نفس الوقت إلى الحيل والأساليب التي يستخدمها بعض الأشرار للإيقاع ببعض الشباب أو التغرير بهم.. والطرق المثلى للتعامل مع هذه المواقف.. لو وقعت لا قدر الله.. وثق أنهم يسمعون الكثير من الأمور التي قد يكون بعضها سلبياً.. إن في الشارع أو المدرسة أو غيرها من أقرانهم.. ولذلك فإستبق الأمور.. بمبدأ الوقاية خير من العلاج.. وأوضح لهم الأمور حسب ما يناسب مراحلهم العمرية.
ثامناً: أما قول أن الوالدين لا يستطيعان صيانة أبنائهما.. بحجة الزمن.!! فهذا قول غير صحيح.. بل هي سلبية مطلقة يرددها البعض ليبرر لنفسه هذا التخاذل عن القيام بدوره كوالد ومربي..!!!
ولا شك أن الزمن قد تغير من نواحي كثيرة.. ومن سلبياتها تعدد مصادر الشرور وأساليبها.. ولكن ذلك لا يعني أن نقف ونتفرج بدعاوى أن الوقت مليء بالفتن..!!! بل لابد من بذل الجهد.. والإتكال على الله والدعاء الصادق كما أسلفت.. وفعل كل الأسباب.. وإستشارة أصحاب الشأن.. والموازنة بين الواقع والمأمول وإيجاد البدائل المناسبة للأبناء.. بدل الحرمان التام لهم.. وغير ذلك من أمور نبذل بها الأسباب ونبرئ بها الذمم والله سبحانه الهادي والمعين.
وفقك الله.. وسدد على طريق الخير والحق خطاك...
المصدر: موقع رسالة الإسلام.